على شُرفة التحايل النبيل

Saturday, July 4, 2020
أدوّن على كناشة الحياة تصريحًا أغرفه غرفًا من روحي؛ بأنّ أعذب الوصل؛ وصل من يحتال إليك وتحتال إليه تودّدًا، فإن كان بارعًا التقط معناك، وإن غُشيت بصائره فحسبه منك نُبلك وعلّو كعبك الخُلقي، وما دمنا في ذكر التحايل فاسمحوا لي أن أُقرّ بأنّي على مدرسة «‏لو صحَّ منكَ الهوى أُرشدتَ للحيَل»:)) وهُنا مشاهد متفرّقة وقفت عليها بعين المُجلّة، وأحبّ أن يشيع صداها في الأرض أفقيًا، علّها تكون مسرانا للسبيل العامودي المنير.

[١] نبيلٌ يحذو حذو النبي الكريم ﷺ فيُعامل المقبل عليه بالتلطّف واللين والحفاوة والبشاشة -على وسع صدره- حتّى يُخيّل إليه أنّه الأثير عنده والأحبّ إليه وإن كان له من الأحبّة من يعلوه منزلة؛ وهذا لعمري عزيزٌ لا يحسنه إلّا النبيل سجيّة الكريم طبيعة.

[٢] نبيلٌ يسارع في إقالة عثرة من جاءه يسعى يسوق الأعذار تأدّبًا؛ فيأخذه بعين الرأفة والإكبار لئلا يكون عضيدًا لانكسار نفسه، ويعينه على المكارم متى شقّت عليه هذه النفس التي بين عطفيه وتثاقلت خطواته حياءً.

[٣] نبيلٌ يدفع لنديمه من عين ما دَفع إليه محاذرة إغراقه بالفضل؛ فيكون مساويًا له بالمكارم، ومثل هذا يكون بطلب مشورة من يستشيرك، أو الاستدانة ممّن استدان منك مالًا وردّه إليك وإن لم تكن بك حاجة وهكذا، أؤمن بأنّ النفس تأنس بمن تجد بين راحتيه "الرواح" حقًّا، فتفننوا في تزيين المتّكأ وهيّئوا المستراح.

[٤] نبيلٌ ينأى بنفسه عن مبارزة الأعزل؛ فلا يسرق دهشة النّاس باستطالته علمًا، بل يوهم سائله بجهله ويهبه مساحة الالتذاذ بما يعرف، ومثل هذا من تواتيه فرصة الظفر وهو يعلم جيدًا أن في ظفره خسارة لقرينه، فيدير الطاولة ولو على نفسه دون أن يشعر من أمامه بفضله وإحسانه؛ وتلك شيم الكرام.

[٥] نبيلٌ يؤلّف بين القلوب ببسط مناقب النّاس عند بعضهم البعض وستر مثالبهم في ظهر الغيب؛ ولا يُشعر به أحدًا.

[٦] نبيلٌ يغيّر مسار الرحلة بدبلماسيّة ولباقة، دون أن يكسر مجاديف الخواطر ليثبت براعته، بل يرفعهم وينفعهم وكأنّه منهم وكأنهم أهل الفضل وخاصّته.

[٧] نبيلٌ يتعامى عن زلّاتك المعرفية/ اللغوية/ الأخلاقيّة وينبهك بشكل غير مباشر؛ محافظًا على السياق، ومراعيًا لحقّ المودة.

[٨] نبيلٌ يتلمّس مواطن السرور سرًا ولا يتكلّف في إبداءها، ويتعاطف مع مواجع من يجلّه ويكون جنده = حاضرًا بخفّة لكنّ بقوّة من حيث لا يحتسب  .. وهذا لا أعدّه إلا ملاكًا حارسًا، ونسمة باردة في رمضاء الدنيا.

[٩] نبيلٌ يزيّن النّاس في أعين أنفسهم لحظة انكسارهم، فيُدير رأس المنصت نحو نقاط قوّته ويقول مجازًا "انظر! هكذا نراك"، بل ونستدل عليك من خيوط ضياك.

[١٠] نبيلٌ يلج قلبك من باب ما تهوى، فيتفرّس في ميولك دون علمك؛ ومن صوره أن يخاطبك بأحب أسماءك إليك = كل ما يأتِ عفوًا يختال بسربال القيمة المضافة إجلالًا ووُدًّا.

تلك عشرة كاملة، ومن له حيلة فليحتال؛ حُبًا :)

5 comments:

  1. رائعة ونبيل يكتب فيُطرِبُ قلبَ من يقرأ 💚💚

    ReplyDelete
  2. من أجمل ما قرأت في حياتي شكراً لكم جميعاً 🙈

    ReplyDelete
  3. أتعَبْتِ من بعدك، هنيئاً الحكمة وطيب البيان

    ReplyDelete
  4. جميل جداً ،بارك الله فيك وزادك نبلا وبركة

    ReplyDelete

Top