"لولا سِحر البدايات لتوقّف الكون عن الحركة"

Saturday, March 18, 2017
نكون أحرارًا حتى تنطلق منّا الكلمة الأولى، والفعل الأول، فنغدو أسرى في وثاقهم، ندور في دوامة لا منتهية من بداية لبداية، كطرف الدائرة الذي يلحق بعضه بعضًا، يظن أن النهاية في طرفه الآخر فإذ به يبتديء من جديد.

هُنا تدوينتي البكر، التدوينة التي أتابع منها جملة البدايات السابقة، لعلها تقودني يومًا ما إلى بداية أعظم لم أتنبأ بها في زمني هذا.



مالذي دفعني للتدوين؟
يقول عبدالرزاق السنهوري [من خلال أوراقه الشخصية] "السعادة التي يستمدها الإنسان من خارج نفسه، من حب أو مجد أو مال، سعادة دنيوية لها آفة، أما السعادة التي يستمدها من داخل نفسه: شعوره بطهارة قلبه وبتأدية واجبه وبأنه جزء من كلٍ سيرجع إليه؛ فهذه لمحة من السعادة التي وعدت بها الكتب المقدسة.
بالنسبة لي فالمشاركة، والإثراء المعرفي، والإلهام هم -وقبل كل شيء- نوعٌ من "السعادة الدّاخلية ذاتيّة المنشأإذ تعود إليك وتنعكس عليك ولا بدّ.

لذا ولأنّي قضيت زمنًا غير قصير في تدوين يوميّاتي وأفكاري على الشبكات الإجتماعية بطريقة عشوائية مختصرة وأرجأت فكرة التدوين مدًّة غير معلومة، قرّرت أخيرًا أنّه قد حان الوقت لحفظها في مكان آمن وقابل للمشاركة بشكل إحترافي عوضًا عن بعثرتها هُنا وهُناك.

من جانب آخر، أجدني شغوفة بالأثر الخالد من بعدي، وأعظم الأثر -في نظري- ما كان إنعكاسًا لروح صاحبه، عفويٌّ إنسانيٌّ ومباشر بلا تعقيد، بكل أبعاد هذه الروح النفسية والإجتماعية والثقافيّة المتراكمة طِوال تجاربه -والعمر يُحسب بالتجارب لا بالزمن برأيي- والتي غالبًا ماتكون حاضرة بين طيّات حديثه وثنايا إلتقاطاته الفوتوغرافيّة

بإختصار: التدوين في عيني توليفةٌ من ضوءٍ وحرف حملت روحًا، وسافرت بها بين البلاد والعباد فلامست حاجةً في نفس أحدهم وتكاثرت به فوقع الأثر وإستطال.


لم [عريشة الياسمين]؟

لأنّي لاحظت -مصادفةً- أن الياسمين جزء رئيسي من كل عطوري، لم أختره بل إختارني، تمامًا كما فعلت أرض الشامِ بي منذ أول كتاب للطنطاوي وقع بين يديّ في طفولتي (دمشق). أمّا العريشة فإختصرت حبّي للطبيعية والمهن اليدويّة واللمسة الشرقيّة.

عريشة الياسمين هي بضعٌ منّي، بين يديك طواعية.

شكرًا ملء كل شيء للصديقة المبدعة جدًا في مجالها Nafl4 على تصميمها للهدر تمامًا كما رغبت.
و الملهمة Haya على دعمها المذهل في سبيل إخراج هذه المدونة بهذا القالب الفاتن المهادن لذائقتي.


ختامًا، شكرًا على إكرامك لي بوقتك .. آمل أن أُضيء بقعة ما في روحك، وأن تلتمع عينا أحدهم حماسةً جرّاء أثرك الذي خلّفته وراءك دون أن تشعر.


على الهامش/ البوّابة الموجودة في الهيدر من مدينة شُغفتُ بها حُبًّا تدعى "شفشاون" بالمغرب. يومًا ما سأقف عندها وأدوّن عنها ومنها -بإذن الله-، أمّا المخطوطة فكًتبت بالخطّ المغربيّ المبسوط الذي أحبّه جدًا.


3 comments:

  1. كنت قد أخبرتك عن عزمي لإعداد كوب من القهوة، لكنني أدركت أن القهوة -في نظري- إنما نصطحبها لتمهد لنا دورب الحروف الوعرة.. وحروفك قطعًا ليست كذلك!

    لو تدركين كم أحسَنَتْ "عريشتك" إلينا لَبادرتِ بغرسها منذ وقت طويل!
    وكالياسمين حرفك.. يترك خيطًا لطيفًا من العبير بعد مروره.. ويعلَق بنا عند مرورنا به!

    لن نُثقلك بالآمال والتطلّعات.. فأنت تدركين بأنه أيًّا ما تجودين به علينا فنحن في لهف لتلقّيه.

    ReplyDelete
    Replies
    1. أوجز وأقول ما قال الشاعر: "أحسُّ قلبِي إذا أقبلتِ يبتسمُ
      وأنّ روحِي مع الأشياءِ تنسجم" .. وهل يزهر الياسمين بلا فنن يضمّه، يا ماءه وسرّه؟

      Delete
  2. بورِك قلمك
    نعمَ القلم قلمٌ عودنا على نبرة الحكمة ولكنة النضج والسرد الجميل
    ليتسلق قلوبنا كما تتسلق العرائش الجدران

    ReplyDelete

Top